قال تعالى:-(كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلمّا كفر قال إني بريءٌ منك إنّي أخاف الله ربّ العالمين(16)فكان عاقبتُهُما أنّهما في النّار خالدين فيها وذلك جزآؤا الظالمين(17))سورة الحشر
قال وهب بن منبه في سبب نزول الآية:-
((أن عابداً فيبني إسرائيل وكان من أعبد أهل زمانه، وكان في زمانه ثلاث إخوة لهم أخت، وكانت بكراً ليس لهم أخت غيرها، فخرج البعث على ثلاثتهم فلم دروا على من يخلفون أختهم، ولا عند من يأمنون عليها،ولا عند من يضعونها قال:فأجتمع رأيهم أن يخلفوها عند عابد بني إسرائيلنوكان ثقة في أنفسهم،فأتوه وسألوه أن يخلفوها عنده،فتكون في كنفه وجواره إلى أن يقفلوا من غزاتهمم فأبى ذلك عليهم وتعوذ بالله منهم ومن أختهم،قال فلم يزالوا به حتى أطاعهم،فقال أنزلوها في بيت حذاء صومعتي فأنزلوها في ذلك البيت ثم أنطلقوا و تركوها فمكثت في جوار ذلك العابد زماناً يُنزل إليها الطعام من صومعته ويضعه عند باب الصومعة ثم يغلق بابه ويصعد في صومعته ثم يأمرها فتخرج من بيتها فتأخذ ما وضع لها من الطعام قال فتلطف له الشيطان فلم يزل يرغبه في الخير ويعظم إليه خروج الجارية من بيتها نهاراً ويخوفه أن يراها أحد فيعلقها قال فلبثت بذلك زماناً ثم جاء إبليس ورغبه في الخير وحضّه عليه وقال لوم كنت تكلمها وتحدثها فتأنس بحديثك فإنها قد استوحشت وحشة شديدة قال فلم يزل به حتى حدثها زماناً يطلع عليها من فوق صومعته ثم أتاه إبليس بعد ذلك وقال لو كنت تنزل إليها فتقعد على باب صومعتك و تحدثها وتقعد على باب بيتها فتحدثها كان آنس لها فلم يزل به حتى أنزله وأجلسه على باب صومعته يحدثها وتخرج الجارية من بيتها فلبثا زماناً يتحادثان ثم جاءه إبليس فرغّبه في الخير وفيما له من حسن الثواب فيما يصنع بها وقال :لو خرجت من باب صومعتك فجلست قريباً كان آنس لها فلم يزل به حتى فعل قال فلبثا زماناً ثم جاءه إبليس فرغبّه في الخير والثواب فيما يصنع بها وقال له:لو دنوت من باب بيتها فحدثتها ولم تخرج من بيتها ففعل فكان ينزل من صومعته فيقعد على باب بيتها فيحدثها قال: فلبثا بذلك زماناً ثم جاءه إبليس فقال:لو دخلت البيت معها تحدثها ولو تركتها تبرز وجهها لأحد كان أحسن بك فلم يزل به حتى دخل البيت فجعل يحدثها نهاره كله فإذا أمسى صعد في صومعته قال : ثم أتاه إبليس بعد ذلك يزينها له حتى ضرب العابد على فخدها وقبّلها فلم يزل به إبليس يحسنها في عينه ويسول له حتى وقع عليها فأحبلها قولدت له غلاماً فجاءه إبليس فقال له :أرأيت إن جاء إخوة هذه الجارية وقد ولدت منك كيف تصنع؟لا آمن عليك أن تفتضح أو يفضحوك!
فاعمد إلى ابها فاذبحه وادفنه ستكتم عليك مخاف إخوتها أن يطلعوا ما صنعت بها ففعل.
فقال له أتراها تكتم إخوتها ما صنعت بها وقتلت ابنها!خذها فاذبحها وادفنها مع ابنها فلم يزل به حتى دفنها وألقاها في الحفيرة مع ابنها و أطبق عليها صخرة عظيمة وسوى عليها التراب وصعد في صومعته يتعبد فيها فمكث بذلك ما شاء الله أن يمكث حتى رجع إخوتها من الغزو فجاءوه فسألوه عنها فنعاها لهم زترحم عليها وبكى لهم وقال:كانت خير أمة وهذا قبرها فانظروا إليه فأتى إخوتها القبر فبكوا وترحموا عليها وأقاموا على قبرها أياماً ثم انصرفوا إلى أهلهم فلما جنّ عليهم الليل وأخذوا مضاعجهم اتاهم الشيطان في صورة رجل مسافر فبدأ في أكبرهم فسأله عن أختهم فأخبره بقول العابد وموتها وترحمه عليها وكيف أراهم موضع قبرها فكذبه الشيطان قال:لم يصدقكم أمر أختكم إنه قد أحبل أختكم وولدت منه غلاماً فذبحه وذبحها معه فزعاً منكم وألقاها في حفيرة البيت الذي كانت فيه عن يمين من دخله فانطلقوا فادخلوا البيت الذي كانت فيه عن يمين من دخله فإنكم ستجدوها هناك جميعاً كما أخبرتكم وأتى على الأوسط وقال له نفس الكلام ثم أتى كل واحدٌ منهم فأقبل بعضهم على بعض يقول كل واحد منهم .
لقد رأيت البارحة عجباً فأخبر بعضهم البعض بما رأى قال أكبرهم:هذا حلم ليس بشيء فامضوا بنا ودعوا هذا قال أصغرهم لا أمضي حتى آتي هذا المكان فأنظر فيه.
فانطلقوا جميعاً حتى دخلوا البيت الذي كانت أختهم فيه ففتحوا الباب وبحثوا الموقع الذي وصف لهم في منامهم فوجدوا أختهم وابنها مذبوحين في الحفرة كما قيل لهم فسألوا العابد فأقرّ على نفسه فأمر بقتله.
قال ابن عباس:فلمّا صُلب قال الشيطان:أتعرفني؟قال:لا والله!قال أنا صاحبك الذي علمتك الدعوات أما اتقيت الله أم استحيت منه وأنتأعبد بني اسرائيل ثم لم يكفك صنعيك فضحت نفسك وأقررت عليها وفضحت أشباهك من الناس فإن مت على هذه الحالة لم يفلح أحد من نظرائك بعدك فقال:كيف أصنع؟قال إبليس:تطيعني في خصلة واحدة و أنجيك منهم وآخذ بأعينهم قال:وما ذاك؟قال تسجد لي سجدة واحدة!فقال أنا أفعل فسجد له من دون الله فقال الشيطان:هذا ما أردت منك كان عاقبتك أن كفرت بربك إني بريءٌ منك إني أخاف الله رب العالمين ففيه نزلت الآية التي ذكرناها أول الموضوع.
من كتاب تلبيس إبليس/ابن قيم الجوزية
فاحذر أخي أو أختي القارىء من كيد الشيطان.
قال وهب بن منبه في سبب نزول الآية:-
((أن عابداً فيبني إسرائيل وكان من أعبد أهل زمانه، وكان في زمانه ثلاث إخوة لهم أخت، وكانت بكراً ليس لهم أخت غيرها، فخرج البعث على ثلاثتهم فلم دروا على من يخلفون أختهم، ولا عند من يأمنون عليها،ولا عند من يضعونها قال:فأجتمع رأيهم أن يخلفوها عند عابد بني إسرائيلنوكان ثقة في أنفسهم،فأتوه وسألوه أن يخلفوها عنده،فتكون في كنفه وجواره إلى أن يقفلوا من غزاتهمم فأبى ذلك عليهم وتعوذ بالله منهم ومن أختهم،قال فلم يزالوا به حتى أطاعهم،فقال أنزلوها في بيت حذاء صومعتي فأنزلوها في ذلك البيت ثم أنطلقوا و تركوها فمكثت في جوار ذلك العابد زماناً يُنزل إليها الطعام من صومعته ويضعه عند باب الصومعة ثم يغلق بابه ويصعد في صومعته ثم يأمرها فتخرج من بيتها فتأخذ ما وضع لها من الطعام قال فتلطف له الشيطان فلم يزل يرغبه في الخير ويعظم إليه خروج الجارية من بيتها نهاراً ويخوفه أن يراها أحد فيعلقها قال فلبثت بذلك زماناً ثم جاء إبليس ورغبه في الخير وحضّه عليه وقال لوم كنت تكلمها وتحدثها فتأنس بحديثك فإنها قد استوحشت وحشة شديدة قال فلم يزل به حتى حدثها زماناً يطلع عليها من فوق صومعته ثم أتاه إبليس بعد ذلك وقال لو كنت تنزل إليها فتقعد على باب صومعتك و تحدثها وتقعد على باب بيتها فتحدثها كان آنس لها فلم يزل به حتى أنزله وأجلسه على باب صومعته يحدثها وتخرج الجارية من بيتها فلبثا زماناً يتحادثان ثم جاءه إبليس فرغّبه في الخير وفيما له من حسن الثواب فيما يصنع بها وقال :لو خرجت من باب صومعتك فجلست قريباً كان آنس لها فلم يزل به حتى فعل قال فلبثا زماناً ثم جاءه إبليس فرغبّه في الخير والثواب فيما يصنع بها وقال له:لو دنوت من باب بيتها فحدثتها ولم تخرج من بيتها ففعل فكان ينزل من صومعته فيقعد على باب بيتها فيحدثها قال: فلبثا بذلك زماناً ثم جاءه إبليس فقال:لو دخلت البيت معها تحدثها ولو تركتها تبرز وجهها لأحد كان أحسن بك فلم يزل به حتى دخل البيت فجعل يحدثها نهاره كله فإذا أمسى صعد في صومعته قال : ثم أتاه إبليس بعد ذلك يزينها له حتى ضرب العابد على فخدها وقبّلها فلم يزل به إبليس يحسنها في عينه ويسول له حتى وقع عليها فأحبلها قولدت له غلاماً فجاءه إبليس فقال له :أرأيت إن جاء إخوة هذه الجارية وقد ولدت منك كيف تصنع؟لا آمن عليك أن تفتضح أو يفضحوك!
فاعمد إلى ابها فاذبحه وادفنه ستكتم عليك مخاف إخوتها أن يطلعوا ما صنعت بها ففعل.
فقال له أتراها تكتم إخوتها ما صنعت بها وقتلت ابنها!خذها فاذبحها وادفنها مع ابنها فلم يزل به حتى دفنها وألقاها في الحفيرة مع ابنها و أطبق عليها صخرة عظيمة وسوى عليها التراب وصعد في صومعته يتعبد فيها فمكث بذلك ما شاء الله أن يمكث حتى رجع إخوتها من الغزو فجاءوه فسألوه عنها فنعاها لهم زترحم عليها وبكى لهم وقال:كانت خير أمة وهذا قبرها فانظروا إليه فأتى إخوتها القبر فبكوا وترحموا عليها وأقاموا على قبرها أياماً ثم انصرفوا إلى أهلهم فلما جنّ عليهم الليل وأخذوا مضاعجهم اتاهم الشيطان في صورة رجل مسافر فبدأ في أكبرهم فسأله عن أختهم فأخبره بقول العابد وموتها وترحمه عليها وكيف أراهم موضع قبرها فكذبه الشيطان قال:لم يصدقكم أمر أختكم إنه قد أحبل أختكم وولدت منه غلاماً فذبحه وذبحها معه فزعاً منكم وألقاها في حفيرة البيت الذي كانت فيه عن يمين من دخله فانطلقوا فادخلوا البيت الذي كانت فيه عن يمين من دخله فإنكم ستجدوها هناك جميعاً كما أخبرتكم وأتى على الأوسط وقال له نفس الكلام ثم أتى كل واحدٌ منهم فأقبل بعضهم على بعض يقول كل واحد منهم .
لقد رأيت البارحة عجباً فأخبر بعضهم البعض بما رأى قال أكبرهم:هذا حلم ليس بشيء فامضوا بنا ودعوا هذا قال أصغرهم لا أمضي حتى آتي هذا المكان فأنظر فيه.
فانطلقوا جميعاً حتى دخلوا البيت الذي كانت أختهم فيه ففتحوا الباب وبحثوا الموقع الذي وصف لهم في منامهم فوجدوا أختهم وابنها مذبوحين في الحفرة كما قيل لهم فسألوا العابد فأقرّ على نفسه فأمر بقتله.
قال ابن عباس:فلمّا صُلب قال الشيطان:أتعرفني؟قال:لا والله!قال أنا صاحبك الذي علمتك الدعوات أما اتقيت الله أم استحيت منه وأنتأعبد بني اسرائيل ثم لم يكفك صنعيك فضحت نفسك وأقررت عليها وفضحت أشباهك من الناس فإن مت على هذه الحالة لم يفلح أحد من نظرائك بعدك فقال:كيف أصنع؟قال إبليس:تطيعني في خصلة واحدة و أنجيك منهم وآخذ بأعينهم قال:وما ذاك؟قال تسجد لي سجدة واحدة!فقال أنا أفعل فسجد له من دون الله فقال الشيطان:هذا ما أردت منك كان عاقبتك أن كفرت بربك إني بريءٌ منك إني أخاف الله رب العالمين ففيه نزلت الآية التي ذكرناها أول الموضوع.
من كتاب تلبيس إبليس/ابن قيم الجوزية
فاحذر أخي أو أختي القارىء من كيد الشيطان.